(سايبين كل مشاكل مصر وماسكين فى الحجاب! )
( انت مش المفتى علشان تقول صح وغلط , واللى بعمله ده حرية شخصية! )
( أتأمرون الناس بالمعروف وتنسون أنفسكم , قبل ما تنصحنى شوف نفسك الاول! )
كم من مرة صُدمت بأحد هذه العبارات ان تطرّق الحوار للدين؟ وكم من مرة أغلق فيها الحوار ذو الصبغة الدينية بأحد هذه السدود العالية؟ مما يجعلنى دائما أتسائل : هل نخشى كمسلمين الحوار فى ديننا ؟!
تفجّرت قضية الاساءة للرسول مرة واخرى, ثم سب الصحابة ثم تحقير الحجاب ثم محاولة التقريب -المستحيلة طبعا- مع الشيعة ثم السجائر لا تفطر, وفى كل مرة لا نستطيع ان ناخذ موقفا حازما ونكوّن رأيا عاما مضادا لهذه السموم والدفاع عن الاسلام ضد هذه الاراء الصادمة والافكار الهدامة, وقمة الغرابة اننا بدلا من ذلك نتبنّى نحن بعض الاراء الانهزامية من نوع : ( يعنى جت على كده, هو احنا خلصنا كل قضايا الوطن ومبقلناش غير ده!) فينتهز أصحاب ومثيرى المشكلة الفرصة وبدلا من توضيح رأيهم يفاجئوننا بالهجوم المضاد من نوع : (محدش يزايد على ايمانى, وأنا مش كافر عشان قلت كده!) وينتهى المشهد الدرامى نهاية غير منطقية بانتصار هذه المبادئ الورقية أمام ثوابت الدين.
بداية لم توجد المذاهب والتفاسير وكتب الاحاديث الا لنختلف – ليس اختلافا كاختلاف المشرق والمغرب – لكنه اختلاف الرحمة, ولذا فُتح باب الاجتهاد للعلماء لنستقى منهم ينابيع رحمة الله فى اختلافهم, اى ان ابداء رايك فى مسألة دينية ليس بالضرورة فتوى ملزمة , لكنه استطلاع لوجهة نظرك المبنية على ثقافتك الدينية ومدى متابعتك لثغور الدين,التى يظن المشككون أنها قصور فى أركان الدين ولكنها قصور فى فهم الدين كما تنبأ الرسول ص برفع العلم من صدور العلماء . ثانيا يقفز السؤال المحير لبعض الناس : هل ينبغى أن نناقش أمور الدين ونترك قضايا الوطن؟ لم أقصد ذلك ولكن قضايا الدين تأخذ منحنى أعم وأشمل الا وهو ( الهوية) ؛ فهويتك تتكون من أركان عدة أهمها الاسلام والعروبة والوطنية , وأى محاولة للنيل من أىّ منها يوجب عليك المواجهة الصارمة, وهدم الثوابت فى كل منها بادّعاء أنها تقاليد بالية لا يبنى وطنا, فكيف اذاٌ نهوّن تعاليم الدين ونستخفّ بها بادّعاء أن دخول الحمام بالقدم اليسرى هو الذى سيدفعنا للتقدم !
من الملاحظ خلال العقد الاخير سوء وانحطاط المفاهيم الدينية لدى العامة, والأخطر أنه قد تردّت بشكل مخيف النظرة للمتدين, فيكفى أن يرتكب المتدين أهون خطأ حتى يتم اصطياده بالسخرية, كأننا نسينا أن اللحية أوالخمار لا تعصم صاحبها من مجرد كونه بشر يخطئ ويصيب, وللاسف يجب علينا الاعتراف بأننا جيل تربى على الخوف من صاحب الذقن وعلى السخرية من الشيوخ.. فرفقا بنا أيها الكبار ولا تحاولوا اثارة الرأى العام بقضايا حلولها بديهية حتى تتستروا وراء فشلكم فى مسئولياتكم بالقاء التهمة علينا بأننا السبب .
هل سنرى اليوم الذى ما ان يهان الدين فيه بالاراء الصادمة ..سوف يهلل ويصفق لمثير هذا الرأى؟ , أم يعلو فهمنا لاسلامنا للدرجة التى تؤهل كل منا للوقوف مرابضا امام أحد ثغور فهم الدين ومواطن الفتنة فى القرآن والحديث والسيرة العطرة حتى يرد بكل موضوعية ومنطق سليم على أصحاب العقول المظلمة , أم نشجب وندين ونرغى ونزبد وينتهى النقاش الى طريق مسدود , ونترك قضايا .. الوطن!