الأربعاء، ٢ يوليو ٢٠٠٨

يا وطن ... فين قضاياك ؟!

(سايبين كل مشاكل مصر وماسكين فى الحجاب! )
( انت مش المفتى علشان تقول صح وغلط , واللى بعمله ده حرية شخصية! )
( أتأمرون الناس بالمعروف وتنسون أنفسكم , قبل ما تنصحنى شوف نفسك الاول! )
كم من مرة صُدمت بأحد هذه العبارات ان تطرّق الحوار للدين؟ وكم من مرة أغلق فيها الحوار ذو الصبغة الدينية بأحد هذه السدود العالية؟ مما يجعلنى دائما أتسائل : هل نخشى كمسلمين الحوار فى ديننا ؟!
تفجّرت قضية الاساءة للرسول مرة واخرى, ثم سب الصحابة ثم تحقير الحجاب ثم محاولة التقريب -المستحيلة طبعا- مع الشيعة ثم السجائر لا تفطر, وفى كل مرة لا نستطيع ان ناخذ موقفا حازما ونكوّن رأيا عاما مضادا لهذه السموم والدفاع عن الاسلام ضد هذه الاراء الصادمة والافكار الهدامة, وقمة الغرابة اننا بدلا من ذلك نتبنّى نحن بعض الاراء الانهزامية من نوع : ( يعنى جت على كده, هو احنا خلصنا كل قضايا الوطن ومبقلناش غير ده!) فينتهز أصحاب ومثيرى المشكلة الفرصة وبدلا من توضيح رأيهم يفاجئوننا بالهجوم المضاد من نوع : (محدش يزايد على ايمانى, وأنا مش كافر عشان قلت كده!) وينتهى المشهد الدرامى نهاية غير منطقية بانتصار هذه المبادئ الورقية أمام ثوابت الدين.
بداية لم توجد المذاهب والتفاسير وكتب الاحاديث الا لنختلف – ليس اختلافا كاختلاف المشرق والمغرب – لكنه اختلاف الرحمة, ولذا فُتح باب الاجتهاد للعلماء لنستقى منهم ينابيع رحمة الله فى اختلافهم, اى ان ابداء رايك فى مسألة دينية ليس بالضرورة فتوى ملزمة , لكنه استطلاع لوجهة نظرك المبنية على ثقافتك الدينية ومدى متابعتك لثغور الدين,التى يظن المشككون أنها قصور فى أركان الدين ولكنها قصور فى فهم الدين كما تنبأ الرسول ص برفع العلم من صدور العلماء . ثانيا يقفز السؤال المحير لبعض الناس : هل ينبغى أن نناقش أمور الدين ونترك قضايا الوطن؟ لم أقصد ذلك ولكن قضايا الدين تأخذ منحنى أعم وأشمل الا وهو ( الهوية) ؛ فهويتك تتكون من أركان عدة أهمها الاسلام والعروبة والوطنية , وأى محاولة للنيل من أىّ منها يوجب عليك المواجهة الصارمة, وهدم الثوابت فى كل منها بادّعاء أنها تقاليد بالية لا يبنى وطنا, فكيف اذاٌ نهوّن تعاليم الدين ونستخفّ بها بادّعاء أن دخول الحمام بالقدم اليسرى هو الذى سيدفعنا للتقدم !
من الملاحظ خلال العقد الاخير سوء وانحطاط المفاهيم الدينية لدى العامة, والأخطر أنه قد تردّت بشكل مخيف النظرة للمتدين, فيكفى أن يرتكب المتدين أهون خطأ حتى يتم اصطياده بالسخرية, كأننا نسينا أن اللحية أوالخمار لا تعصم صاحبها من مجرد كونه بشر يخطئ ويصيب, وللاسف يجب علينا الاعتراف بأننا جيل تربى على الخوف من صاحب الذقن وعلى السخرية من الشيوخ.. فرفقا بنا أيها الكبار ولا تحاولوا اثارة الرأى العام بقضايا حلولها بديهية حتى تتستروا وراء فشلكم فى مسئولياتكم بالقاء التهمة علينا بأننا السبب .
هل سنرى اليوم الذى ما ان يهان الدين فيه بالاراء الصادمة ..سوف يهلل ويصفق لمثير هذا الرأى؟ , أم يعلو فهمنا لاسلامنا للدرجة التى تؤهل كل منا للوقوف مرابضا امام أحد ثغور فهم الدين ومواطن الفتنة فى القرآن والحديث والسيرة العطرة حتى يرد بكل موضوعية ومنطق سليم على أصحاب العقول المظلمة , أم نشجب وندين ونرغى ونزبد وينتهى النقاش الى طريق مسدود , ونترك قضايا .. الوطن!

هناك ٥ تعليقات:

walaa يقول...

انا معاك فى ان الملتحى او من ترتدى الخمار ليست معصومه من الخطأ ولكن فى ايا منا من ترتدى الخمار ومن يلتحى يظن بنفسه انه معصوم من الخطأ واننا لا نعرف مثلما يعرفون هم فى الدين ولا أعمم ولكن حظى العثر وضعنى امام العديد منهم ممن جعلونى اتجنب التعامل معهم حتى لا اصير كافره بنهاية الحوار.
لكنى لا اخشى الحوار فى الدين على ان ليس كل ما يقال من حولى امور مسلم بها وان لى ان افكر واحدد من وجهة نظرى ما هو الصائب طالما انه ليس ايه قرانيه او حديث نبوى موثوق.

سامح صبرى يقول...

والله انا اكاد اتفق معاكى , لكن اتمنى اننا منتسرعش فى الحكم الجائر ونحسن الظن بالمتدين بدل مالملتحى نقوله على طول حتى لو كنا مانعرفوش ان الدين مش لحية وجلباب بس والدين المعاملة!! والى لابسه اسدال ان التدين فى القلب مش فى اللبس!! اعتقد ان نسبة كبيرة من الملتحين كانو فى الاصل متدينين ودوروا موضوع اللحية فى دماغهم لغاية ما حسوا انهم محتاجينها فعلا عشان تربيهم وتمنعهم من الكذب والسباب والمعاكسة والسجائر , وعشان تخلى صحبتهم الفاسدة القديمة تفقد الامل فى انهم يرجعوا تانى لايام (الانس) والمزاج , والله اعلم

غير معرف يقول...

موضوع رائع ياعاشق للبحر
هو فعلا الناس اتغيرت وبقت تتكلم فى حرمانيات وعدم حرمانيه الاشياء وهذا اكبر حرام والله لو قعد ساكت كان احسن بدل مايقعد يفتى فتوه ممكن تحدفه جهنم
والناس دلوقت مع الانفتاح اللى حاصل والقنوات الاجنبيه وسرطنه عقول الغلابه والساذجين من العرب...خلاهم عايزين
دين مودرن..دين على هواهم يفصفصوا فى الدين زي ماهم عايزين ويشكله ويطلعه سهل او زي ماهم عايزين وخلاص
وده فعلا مشكله محدش يعرف يحلها غير كبار مشايخ الدوله اللى هم كمان طلعوا...اونطه...وبيدورو عاى حاجه تريح الشعب الغلبان ده
ويقولولك ان الدين يسر وليس عسر
==========================
ع العموم جزاك الله خيرا على الموضوع المستفذ..قصدي الجميل ده

غير معرف يقول...

الموضوع جميل جدا يا عاشق البحر،فعلا النقطة دى محتاجة مننا وقفة ومناقشة بجد؛لان المحجبات والدين عامة دايما بيتظلموا فى الافلام والبرامج..لدرجة لن كلمة بنت محجبة اقترنت فى السينما بالبنت القفل اللى لا بتهش ولا بتنش،واللى ما بتفهمش فى اى حاجة..واللى بتتلخبط فى الكلام لو اتكلمت...عشان كدة الواحد نفسه انه يشوف حاجة تحترم عقولنا بجد وتتعامل معانا بالمنطق الصح..وكمان فى الافلام دايما الشاب اللى بيروح الجامع لااااازم يبقى ارهابى ومتطرف وقفل هوه الآخر ولازم يكون بيتكلم باللغة العربية الفصحى... دانا بحس انى بشوف مصر تانية فى الافلام وكانهم بيتكلموا عن اى بلد غير مصر ...طب سؤال محيرنى بجد: ياترى مين السبب فى الفكرة دى؟؟؟
الاجابة :خليها فى سرك احسن!!!

غير معرف يقول...

أحييك أخى العزيز بعشق البحر على طرحك هذه القضية الهامة وسأعقب على فقرة أظن أنها اشتملت على لب الموضوع :

(هل سنرى اليوم الذى ما ان يهان الدين فيه بالاراء الصادمة ..سوف يهلل ويصفق لمثير هذا الرأى؟ , أم يعلو فهمنا لاسلامنا للدرجة التى تؤهل كل منا للوقوف مرابضا امام أحد ثغور فهم الدين ومواطن الفتنة فى القرآن والحديث والسيرة العطرة حتى يرد بكل موضوعية ومنطق سليم على أصحاب العقول المظلمة , أم نشجب وندين ونرغى ونزبد وينتهى النقاش الى طريق مسدود , ونترك قضايا .. الوطن!)

ظهور هذه الفئة الشاذة التى تخرج علينا بأراء مصادمة لفطرتنا الاسلامية إنما مرده انعدام ثقافة الحوار فى المؤسسة الدينية (سلفية كانت أم صوفية أم إخوانية أم ...) وإن وجد الحوار فهو حوار وهمى لايتيح للفرد طرح كل تساؤلاته لانهم سيسارعون بالقاء التهم عليه لمجرد تفكيره فى تساؤلات عقلانية تجول بخاطره .. ولذا شن هؤلاء وغيرهم حربا ضروس على المؤسسة الدينية الحالية (بكل طوائفها ) بحثا عن مزيد من الحرية العقلية والتساؤل الفكرى .. فنأمل أن تسود ثقافة الحوار فى الفكر الدينى بدلا من الخطب الوعظية وأسلوب التلقين الذى أصبح غير ملائما لعصر التكنولوجيا والثورة الفكرية , وهذا ما تنبأ به الشيخ محمد عبده وجمال الدين الأفغانى وعبد الرحمن الكواكبى وعلماء التنوير الاسلامى ولكن التيار التقليدى ظل متشبثا بفكره القديم مما هيأ لظهور هذه الفئة الشاذة بأرائها وفكرها رغبة منها فى التنوير العقلى والثورة على التقليدية .. (هذا ما جنته أيديهم .. فلا يبكوا على حصادهم)